روبوتات التداول: إربح الملايين وأنت نائم

روبوتات التداول: إربح الملايين وأنت نائم -- Jul 09 , 2025 53

في عالم يشهد تسارعاً تقنياً غير مسبوق، لم تعد مفاهيم الاستثمار والتداول كما عهدناها. فبعد أن كانت الأسواق المالية تُدار بالأيدي والعقول البشرية، أصبحت اليوم تقف أمام غزو تقني تقوده برمجيات ذكية تُعرف بـ"روبوتات التداول" أو ما يُطلق عليها باللغة الإنجليزية Trading Bots.


وفي الوقت الذي تروج فيه الإعلانات على منصات التواصل الاجتماعي لهذه الروبوتات باعتبارها طريقاً مختصرة للثراء –من قبيل "اكسب ألف دولار يومياً وأنت نائم!"– يقف المستثمرون على مفترق طرق: هل هذه الروبوتات أدوات فعالة لتحقيق الربح أم مجرد فخاخ تكنولوجية تهدّد رؤوس أموال المستخدمين؟

ما هي روبوتات التداول؟ وكيف تعمل؟
روبوتات التداول عبارة عن برمجيات تعتمد على خوارزميات مبرمجة مسبقاً لشراء وبيع الأصول المالية، سواء أكانت أسهماً أم عملات أم سلعاً، من دون تدخّل بشريّ مباشر. تقوم هذه الروبوتات بتحليل الرسوم البيانية وتطبيق استراتيجيات تداول، تستند في أغلب الأحيان إلى مؤشرات تقنية شهيرة مثل "متوسط التحرك لـ200 يوم"، الذي يستخدم كمؤشر لاتّخاذ قرار بالشراء أو البيع.

بعض هذه الروبوتات تتيح للمستخدم تخصيص الاستراتيجية وتعديلها وفقًا لمدخلاته، بينما تعمل أخرى بطريقة تلقائية بالكامل.

لكن أنيس الحجار، الاستشاري المالي في المجال التكنولوجي والمقيم في باريس، أوضح في مقابلة مع "النهار" بأنه:
"حتى مع التقدم الكبير في خوارزميات الذكاء الاصطناعي، لا يمكن القول إن روبوتات التداول أصبحت قادرة على التنبؤ بتقلبات السوق الفجائية، لأنها -في جوهرها- تعتمد على تحليل بيانات تاريخية وإعادة إنتاج أنماط سابقة".


وأضاف: "هي قد تكون جيدة في إعادة التاريخ، لكنها ليست مجهزة للتعامل مع المستقبل غير المتوقع، خصوصًا مع تطورات الأحداث الجيوسياسية أو الاقتصادية المفاجئة".

أبرز روبوتات التداول في السوق
في الوقت الذي يزداد فيه الطلب على هذه الأدوات، برزت عدة روبوتات شهيرة منها:

*MetaTrader Expert Advisors (EAs): هو الأكثر شهرة في سوق الفوركس. قابل للتخصيص بدرجة كبيرة، لكن فعاليته تعتمد على خبرة المستخدم.

*Pionex Grid Bot: يعمل باستراتيجية الشبكة، ويُستخدم كثيرًا في سوق العملات الرقمية.

*3Commas: يدعم أكثر من 20 بورصة عالمية، لكنه يفتقر إلى توثيق شامل لنتائجه.

*Stoic by Cindicator: يعتمد على الذكاء الاصطناعي ويستهدف استثمارات طويلة الأجل.

*Trade Santa: يتمتع بواجهة بسيطة ومناسبة للمبتدئين.

*Good CryptoX: يجمع ما بين الذكاء الاصطناعي وإعدادات تداول متقدمة.

*Trade Ideas: يعتمد على خوارزميات تعلم آلي لتحليل الأسواق وتوليد إشارات تداول.


الفجوة بين الواقع والتسويق

رغم ما يبدو عليه المشهد من تقدم تقني، فإن الواقع لا يعكس الصورة الوردية التي ترسمها إعلانات التسويق. فقد أصدرت هيئة الرقابة المالية البريطانية (FCA) تحذيرات متزايدة خلال عام 2024 ضد منصات غير مرخّصة، تروّج لروبوتات تداول احتيالية، تعمل -في أغلب الأحيان- في بيئات محاكاة أو تعتمد على حسابات مزيّفة لخداع المستثمرين. ورغم أن الهيئة لم تصدر رقماً رسمياً يحدد عدد المنصات المحظورة تحديداً، فإن التقارير تشير إلى مئات التحذيرات والإجراءات التنظيمية في هذا السياق.

ويؤكد الحجار هذه الفجوة بقوله:
"لا يجب النظر إلى روبوتات التداول كحل سحري لتحقيق الربح، بل كأداة تتطلب ضبطًا دقيقًا وفهمًا عميقًا لاستراتيجياتها".

وهو تحذير يتكرر من قبل خبراء الاستثمار الذين ينبهون إلى خطورة الاعتماد الأعمى على هذه التقنيات، خاصة من قبل المبتدئين.

هل تحقق هذه الروبوتات أرباحاً؟

نعم، في بعض الظروف. فخلال فترات استقرار السوق أو في بيئات تتحرك ضمن نطاقات دعم ومقاومة واضحة، يمكن أن تحقق روبوتات التداول أرباحًا ملحوظة.
لكن في الأسواق الاتجاهية أو خلال حالات التقلب الشديد، فإن الدخول في توقيت خاطئ أو استخدام رافعة مالية عالية قد يؤدي إلى خسائر جسيمة.

ويحذّر الحجار من هذه النقطة تحديداً، موضحاً بأن:
"ترْك الروبوت يعمل من دون إشراف، خاصة من قبل مبتدئين، هو السبب الرئيسي في خسائر كبيرة. الفهم أولاً، ثم التجربة، ثم التوسّع بحذر".


الاستخدام الناجح يتطلب فهماً ومراقبة
الرسالة التي تتكرّر على ألسنة الخبراء واضحة: النجاح مع روبوتات التداول لا يأتي من مجرد تشغيلها، بل من فهم آلية عملها ومراقبتها باستمرار.

ينصح الخبراء، ومنهم الحجار، بتجربة الروبوت على حساب تجريبي أولاً، ومتابعة أدائه بدقة، وضبط إعداداته بانتظام ليتلاءم مع طبيعة السوق المتغيرة. ويجب دائماً استخدام أدوات إدارة المخاطر مثل أوامر وقف الخسارة والتحكم بحجم الرافعة المالية.

أداة ذكيّة لا وصفة سحرية
روبوت التداول ليس عدواً، لكنه أيضاً ليس عصاً سحرية. هو ببساطة أداة تتوقف كفاءتها على مستخدمها. فالمتداول المحترف صاحب الفهم العميق والتحليل المنطقي يمكنه الاستفادة منه في إدارة وقته وتحقيق استقرار نسبي، بينما قد يتحول استخدامه الأعمى إلى مصدر خسائر متكررة.

في الختام، تبقى القاعدة الذهبية في عالم الاستثمار وفق ما يختصرها أنيس الحجار:
"الذكاء الاصطناعي مهما بلغ من تطور لا يُغني عن الإدراك البشري والتحليل المنطقي".

راغب ملي- النهار

أقرأ أيضاَ

مُفاجأة مُرتقبة حول موعد أول هاتف قابل للطي من "آبل"

أقرأ أيضاَ

ثغرة أمنية خطيرة في نظام Apple Intelligence